الشاعر محمود توفيق: الظبية الراحلة

الظبية الراحلة

الظبية الراحلة

خليلَىَّ لا تجزعنا من أساىَّ....

ولا تَعجبـا إن هَمَـى المدمَــعُ

فقد رَحَلَـتْ ظَبيـةُ الـوادييـن..

وأقفــر من أُنسهـا المَرْتَفـع

فـلا السِحـرُ يمشـى بأعطافهـا..

ولا الحُسـنُ من وجهـهـا يسطَـع

رَمَتنـى ونحن عذارى القلــوب...

وكــأسُ الصِبـا زاخِـر مُتْــرَع

بسهــمٍ تَسلَلَ عَبْـرَ الجفــون..

ولَحـظٍ هو السِحْــرُ .. أو أروَع

وجِيـدٍ ترقـرقَ فيه الجَمــالُ...

ووجـهٍ هو الصُبـحَ إذ يطلُــع

فَبِـتُّ وقد كَبَّلتنـى القيــودُ...

وأذهَلَنـى الألـمُ الممتِــعُ!

ورحتُ .. وَبـى وَلَهٌ كالسعيــر...

ووَجـدٌ يثــورُ ... ولا يَهجَـع

ونَمضـى .. ولا أمـلٌ فى اللقـاء..

ولا وصـلَ يُرجَـى ... ولا مَطمَـعُ

وعِشـتُ أكُابِـد شجـوَ البِعــادِ..

وبالقُـرب من طيفهـا أقنَــع

وأحمَـدُ للدهـر أنى أعيــش..

وفى الأرضِ من حُسنهـا مَوضِـع

وِعطـرٌ يَطيِـبُ به الواديـان..

وذِكـرٌ يَهيـمُ به المَسمَــعُ

إلى أن فُجِعْـتُ بغَـدرِ الزمـان....

ولم أدرِ أنى بهـا أُفجَــعُ!

***
فيا ظَبيةً أنجبتْهـا المـروجُ...

وأبدَعَ فى حُسِنهـا المُبــدِعُ..

أصابَ رَحيـلُكِ منى الفــؤادَ...

وزلزلنـى النبـأُ الموِجــعُ

كأنـى أوَدِّعُ فيـكِ الحيــاةَ...

وتَحذُلنـى العَـينُ والمَسمَـعُ..

وزهوَ الصِبَّا .. وائتلاقَ الجمالِ...

وشطــراً من العـيش لا يرجِــع!

مضى الدهرُ ... لم تعرفى كَمْ لَقيتُ..

وكـم نالنـى سَهمُــكِ المُشــْرَع..

وهـا أنا أسكــُبُ دمـعَ العيـون..

فهل يَنفَـعُ الدمـعُ .. أو يَشفَعُ

وهل تَسمعـين وَجِـييبَ الفــؤادِ..

ووجـــداً تَـئِنُّ به الأضلُــع؟

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق