الشاعر محمود توفيق: شهيد الغرام

شهيد الغرام

شهيد الغرام

أيا صاحبى مَرَّ عامٌ فعامْ..
وجُرحُ الأسى ساهِرٌ لا ينامْ..
فمازالَ فى العين سَيْبُ الدموعِ
ومازالَ فى القلبِ وقعُ السِهام
وكيف السُلُوُّ...وما بيننا
أواصِرُ لا يَعتريها انفصام
وعهدُ صَداقَتِنا والإخاء
وروضُ مَحَبَّتِنا والوئام
حَفِظناهُ من طَعَناتِ الجُحود
وصُنّاهُ من كَبواتِ الخِصام
ووجدٌ بمصرَ شَقِينا بهِ...
وعِشْقٌ تَغَلْغَلَ حتى العِظام
حَملناهُ فوقَ نزيفِ الجراحِ
وخُضْنا به غَمَراِ الظلام
فإن كُنتَ أدمنت خَمَر الأَسىَ..
إلى أنْ تجَرَّعتَ كأسَ الحِمام...
فما عِشْتَ إلا سجينَ العفافِ
ومامِتَّ إلا شهيدَ الغرام!
***
ويا صَاحِبى فلتَنَمْ فى سلامٍ
كما كان قلبُكَ يهوى السلام
يَحُفُّ بمثواكَ زهزُ الحقولِ
وتأوى إليه وفودُ الحَمام
على رَبوهٍ يصطفيها السكونُ
وتحنو عليها ظِلالُ الغمام
تُبادِرُها الشَمسُ عِندَ الشروقِ
ويَغْمُرها البَدْرُ عِند التمام
وقفتُ بها فى ضِرامِ الغُروب
وفى مُهجتى لوعَةٌ كالضِرام
أنا جيكَ فى لحَظَاَتِ الوداعِ
وأبكيكَ من قَلبىَّ المُستَهام
فيبدو خيالُك فى ناظرىَّ
كعهدكَ فى الحادثاتِ الجِسام
يُطالعنى من خِلالِ الدموع
ذكىَّ الملامحِ...عَذْبَ الكلام
كأنك مازِلتَ مِلئَ الحياةِ...
وفوقَ الماتِ...وفوقَ السِقام!
***
ويا سعدُ إن فَرَّقتْنَا الَمنونُ..
فما طابَ لى بعدَ ذاكَ المُقام
ولا غابَ عن خاطرى لحظةً
خيالُك...فى يَقْظَةٍ أو مَنام
يُحُدِّثُنى عَنكَ مَرُّ النسيم..
وقَطْرُ النَدى..وهَديلُ اليمام
وألقاكَ فى كُلِّ لفظٍ جَميلٍ..
وفى كلِّ مّعنَىً رفيعِ المقام
وحيثُ لقَيِتُ عَفاف الضمير..
وحيثُ لَقيتُ السجايا العظام!
فَنَمْ وادِعاً فى رحابِ الغَفورِ
على رَفرفٍ لم يَطأها الأنام
تُكَفكِفُ عَنكَ جراحَ الأسى
كواعبُ مَقصورةٌ فى الخِيام
فهيهاتَ يبلغُ مِنكَ الجُحودُ...
وهَيهاتَ يرقى إليكَ المَلام!

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق