الشاعر محمود توفيق: رسالة إلى أُمي *...ِ

رسالة إلى أُمي *...ِ

رسالة إلى أُمي *...ِ

 
لم أكُن أعرِفُ يا أُمي الشهيدةْ ..
سَبَبَ الحُزْنِ الذي يَملأُ قلبى..
مُنْذُ أن جِئتُ إلى هذي الحياة !
غيرَ أني الآنَ ياأُمي عرفتْ ..
حينما أدركتُ ما مَعنى الحياة ..
بعد أن عِشْتُ طويلا ..
وتعَّلمتُ كثيرا ..
أنه حُزنُكِ أنتِ ..
ذلكَ الحُزنَ الذى أورثْتِنى ..
عندما غادرتِنى !
....
كنتِ فى شَرْخِ الشبابْ ..
يومَ ناداكِ المُنادى للإيابْ ..
حينَ ألقيتِ على دنياكِ نَظرَة ..
كُلها حُزنٌ وحَيرَةْ ..
لحبيبٍ شاعرٍ مُضْنَى الفؤادْ ..
وصَغيراتٍ حٍسانٍ أربعة ..
ذاهلاتٍ .. حائراتٍ .. باكياتْ ..
وأنا مازلتُ .. الضيفُ الجديدْ ..
كنتُ مازلتُ وليداً زائرا ..
لم أكنْ حتى رَضيعا ..
لم أزل قَطعةَ لحمٍ بين أيدى الآخرينْ ..
حينَ حالتْ بيننا الحُمَّى التى غالتْ صباكِ ..
والتى أخفتْ ضياكِ ..
وأنا أكثرُ ما تبغين فى هذى الحياة ..
وتُريدين من الرحمنِ فى كل صلاة ..
ثم باردتِ إلى ردَّ الجوابْ ..
وتوجهتْ إلى الحقِّ المُجاب .
....
سامِحينى إن أنا أغفلتُ قَدرَكْ
أو إذا ما كنتُ قد أهملتُ ذِكرَكْ ..
أو إذا ما كنتُ قد أهملتُ ذِكرَكْ ..
أو إذا ماكنتُ قّدْ أنحيتُ باللومِ عليكِ..
فأنا كنتُ يتيماً غاضِبا ..
وحزيناً عاتِبا ..
وأنا قد كنتُ مُحتاجاً إليكِ ..
كم تَمَثَّلْتُكِ قَلباً حانيا ..
كم تَخَيَّلْتُكِ نَبْعاً صافيا
كم تمنيتُكِ دِفئاً فى أعاصيرِ الشِتاءْ ..
كم تمنيتُكِ حِصناً .. من تِباريحِ الشقاءْ ..
غير أنى فى شَقائى .. وعَنائي ..
لم أُكنْ أثدرِكُ يا أُمي الشهيدةْ ..
أنَّ ما قاسيتِهِ فى ذلك اليومِ البَعيدْ ..
كان أقسى ألف مرَّةْ ..
من عَذابى طِيلةَ العُمرِ المديدْ !

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق