الشاعر محمود توفيق: رسالةُ حُبّ

رسالةُ حُبّ

رسالةُ حُبّ

شاءِتْ الأقدارُ أن تَجمَعنا..
فتلاقينا..وفى العُمرِ بَقِيَّةْ
وعلى دِجْلَةَ كان المُلتقَى
يومَ أسلَمتُكِ قلبى يا "تَقِيَّةْ"
كانَ فى الروَضةِ أُنسٌ وشَجَىً..
وقُطوفٌ منْ ثمارٍ عَسْجَديَّةْ
ونسيمُ الليلِ سْحرٌ خالصٌ
يتناهَى منْ أُصولٍ بابليِّةْ
وأنا فى نَشوَةٍ لا تنقضى..
تَملأُ النفسَ بأشواقٍ خَفِيَّةْ..
فرأتْ عيناى صُبحاً طالعاً
وتلاقَتْ بالعُيونِ "الأمهَريَّةْ"..
نظرةً واحدةً..لكنها
بَعَثَثْ كُلَّ الرُموزِ الأبديَّةْ!
***
وتجاذبنا حَديثاً هَيِّناً
كانسكابِ النَبْعِ فى أرضٍ رَخِيَّة
لمْ تَعُقْهُ غُربَةٌ أو ريِبةٌ
بَلْ مَضَى ينسابُ من وَحىِ السَجِيّة
وكأناّ ما اجتمعنا صُدفَةً
والتقى الوجهانِ فى تلك العَشيّة
وكأنَّا قَدْ تجاوبنا معاً
قبلَ أن يبدأ خَلْقُ البشرية!
***
يا لعينيكِ وما أنْبأَتا..
من أساطيرِ العُصورِ السرمديةَّ!..
يالعينيك وما خبأتا..
من مفاتيح الكنوز العبقرية!..
أهُمَّا الفَجْرُ رفيقاً وادِعاً
يغمر الكون بأحلامٍ وَضِيَّةْ!
أمْ هُمَا الليلُ بما يُضْمِرهٌ
مِنْ تباريحٍ وأشواقٍ عَصِيَّةْ!
***
يا لأطيافِ جَمالٍ نادرٍ
يَبْعَثُ الفَرحَةَ فى النَفْسِ الشَقِيَّةْ
يَمْزجُ الحُسْنَ بفيضٍ غامرٍ
من ينابيع الضِّيَاءِ الباطنية!
***
يالإشراقِ ذكاءٍ باهرٍ
كوميضِ البَرقِ يَضوِى فى البَرِيةَّ
تَسَتبينى كُلَّمَا طالعْتُهُ
سِعَةُ العِلْمِ..وفَرْطُ الألمعيَّةْ!
***
يالأجواء وجودٍ ساحرٍ
يبعث الشِعر..ويُجْىِّ الشاعرية
تَخْلُبُ الألبابَ فى مَطْلَعِهِ
خِفَّةُ الروحِ.وأَسْرُ الجاذبيَّةْ!
***
يالجَنَّاتِكِ..ما أبدَعَها..
تتراءَى كالفراديسِ العَلِيَّة!
يالأزهارِكِ..ماأَرْوَعَها..
حين تَشْدو فى الليالى القَمَرِيَّة!
يالأسْرابِ فَراشٍ راقِصٍ
يَبْهَرُ العيْنَ بألوانٍ بَهِيَّةْ!
***
ما عرفْنَا الحُبَّ إلا خالِصاً..
فاضَ من ذْوبِ الأحاسيسِ النَقِيَّةْ
ما رأينا فيه هَزْلاً عابثاً..
ما اتخذنا منه للَّهوِ مطِيَّةْ.
ما اقترفنا خِدْعَةً أوريِبةً
لا..ولم نَقْبَلْ على الحُبِّ الدَنِيَّةْ..
بَلْ عَرفْنا الحُبَّ نَبعاً دافقاً
مِنْ ينابيعِ الوجودِ القُدِسيَّةْ!
وعرفنا الحُبَّ سَيْلا عارماً
جارِفاً كُلَّ السُدودِ الدُنيويَّةْ!
***
ما جَهِلنا حِينَ أقلعنا معاً
أننا نُبْحِرُ فى ريحٍ عَتِيَّة!
وامتثلنا للمقاديرِ التى
حَمَلتنا بيْن أيديها القَوِيَّة
فإذا حالتْ صْروفٌ بيننا..
وافترقنا فى المداراتِ القَصِيَّةْ..
وإذا غَرَّدَ طَيْرٌ والِهٌ
مُرْسِلاً فى الدَوْحِ أناتٍ شَجِيَّة..
فاذكُرى وَجْدى وحُبِّى كُلَّهُ..
واسَمعِى خفقَة قَلبى يا "تَقِيَّةْ"! 

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق