الشاعر محمود توفيق: عهد الوداد

عهد الوداد

عهد الوداد

لَمِنْ يُسْفرُ الصُبْحُ البَهِىُّ ويُشْرِقُ...

وهذا الضِياءُ الباهِرُ المُتألِّقُ!

لَمِنْ يَبْسِطُ الروضُ البَهيجُ رِداءِهُ..

وهذا الشَذَى الفَوَّاحُ .. من أين يَعْبِقُ!

لَمِنْ كُلُّ هذا البِشْر والأُنْسُ والرِضَى...

وهذا الجَمَالُ الساحِرُ المُتَدَفِّق!
***
تَنَاهتْ إلينا فى وداعِكَ نفحةٌ

تُفئ عليُنا بالعطاءِ وتُغْدِقُ

كأنا نزلنا روضةً جادَها الحَيّا

ونَضَّرَها ثَوبٌ من الَزهرِ مُونِق

يَفيضُ علينا نُورُها وعَبيرهُا

ويَحْنو علينا ظلُّها الُمَتَرفِّق

مكثْنا بها صُبْحاً وظُهراً ومَغْرباً

نُطَوِّفُ فى أرجائها ونُحَلِّق

إلى أنْ شَهِدْنا ليلةً ماهريةً

يموجُ بها بحرٌ مِن النورِ مُشرِق

تَجَلَّى مِنَ الرَحمنِ لُطْفٌ وَرَحْمَةٌ

وفاضَ مِنَ القُرآنِ حُسْنٌ ورَونَقُ

كأنّا وأفواجُ البلابلِ حولَنا

تُغَنىِّ .. ويُشجينا اليَمامُ المُطَوَّق

وبَتنا نَشاوَىْ كَرْمَةٍ ما تَجَسَّدَتْ

ولكنْ جَرى مِنها الرحيقُ المُعَتَّقُ

فأُقْسِمُ ما مِنْ ليلةٍ قَدْ شَهِدْتُها

كتِلكَ ... ولا مِنْ آيةٍ تَتَحَقَّقُ
***
رعى اللهُ من حُلوانَ رُكناً مُطهَّرَاً..

ونَضَّرَهُ صَوْبٌ مِنَ الغيثِ مُغْدِقُ

وبيتاً هو الجَوزاءُ مَجداً ورفْعَةً

سِوى أنه أعلى مَكاناً وأعْرَقُ!

دَعائِمه الإيمانُ ..والعِلمُ..والتُقَى..

وزِينَتُه فَنُّ رفيعٌ مُشَوِّق

أَقمنا به عَهدَ الودادِ وشمُلنا

على اليُسر والعلَّات لا يَتفرَّق

يُوَحِّدُنا فى الله حُبٌ ورَحمةٌ

ويَجمعُنا فى الحقِّ عَهدٌ ومَوْثِق

فلله قلبٌ بين جنبيكَ صادقٌ

أحَنُّ من الأُمِّ الرَؤمِ وأرفَق

ولله ما أعلاكَ نَفساً وهِمَّة

يُسابِقُها رَيْبُ الزمان فتَسبِق

ولله ما أزكاكَ عِلماً وحِكمةً

يُلاحِقُ عِلمَ العارفين ويَلْحَق

ولله ما أشجاكَ قَولاً ومَنطِقاً

إذا طابَ للأسماعِ قَولٌ ومنطِقُ
***
أماهِرُ ...هلُ تجزيكَ إلاَ مشاعر
ٌ
تفيضٌ ..وإلا عَبرةٌ تترقرَقُ!

وكيف أُجازى مَنْ أنارَ بَصيرَتى

وَمن كان لى منهُ وَلِىُّ ومُشفِق

ومن كان لى منه مُجيرٌ وناصرٌ

ومَن كان لى منه الصديقُ المُصَدَّق

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق