الشاعر محمود توفيق: كانت الدُنيا جميلة *...

كانت الدُنيا جميلة *...

 كانت الدُنيا جميلة *...


حِينما كُنا شَباباً واعِداً ..
  
نَطللُبُ العِلْمَ .. ونَزهو بالرجولةْ ..
  
ونرى فى مِصرَ صَرحاً شامخاً
  
للمعالي .. والمُروءاتِ الأصيلة ..
  
وسِجلاً لتُراثٍ خالدٍ ..
  
وجَمالاً لا تَرى العينُ مَثيله ..
  
ورِياضاً زاهراتٍ بالمُنى ..
  
تَحتَوينا في مَغانيها الظَليلة ..
  
كانَ طَعْمُ العَيْشِ في أفواهِنا -
  
سَلسبيلاً .. كانتْ الدُنيا جَميلة !

....

حينَ كانتْ مِصرُ .. شَعباً صَاعِداً -
  
ينْشُدُ المَجدَ .. ويَهفو للبطُولة ..
  
ويُريدُ العَيشَ حُرَّاً صامداً -
  
في كَفافٍ .. وعَفافٍ .. وفَضيلة..
  
لم يكن يَفْتِنُنا المالُ .. ولمْ -
  
نَكُ أسرى للحِساباِ الذَليلة ..
  
لم نَكُنْ نحتاجُ في العَيشِ سوي
  
لقُروشٍ .. أو جُنيهاتٍ قليلة ..
  
لم نكن نستبدلُ الأوطان والأهلَ -
  
بأوهامِ الثراء المُستحيلة ! ..

...

لم نكُن نَسعى إلى الدِرهمِ والدينارِ -
  
والدولارِ .. في أرضٍ بَخيلة ..
  
بِلْ ظَلَلنا نَنحتُ الصَخْرَ .. ونَرْوِي -
  
الأرض أحلاماً وأشواقاً نبيلة ..
  
لا نُبالي بالذي نَلْقَى .. ولا نَبْحَثُ -
  
في الآفاقِ عن أرضٍ بَديلة !

....

ثُم غاصَتْ مِصرُ في أحزانِها ..
  
وتهَاوتْ تحتَ أحمالِ ثَقيلة ..
  
حينَ غاضَ الحُبُّ من أيامِنا ..
  
واستحالَ الحُلمُ أشباحاًً هَزيلة ..
  
وافْتَقَدنا كُلَّ ما نَعرفُهُ ..
  
وغَرِقْنا في المفاهيمِ الدَخيلة ..
  
زَلْزَلتنا مَوجَةٌ عاتيةٌ
  
جَرَفَتْنا للمتاهاتتِ الوَبيلة ..

...

ورياحٌ عَاصفاتٌ زَعْزَعَتْ
  
ما بيننا عَبرَ أجيالٍ طويلة
  
سَلبَتْنَا كُلَّ ما يَملِكُهُ
  
شَعْبُنا .. حتى مَسَرّاتِ الطفولة !

أخَذَتْنا صَيحَةٌ مَشْئومَةٌ..
  
وصَحونا .. فإذا الدُنيا عَليلة !

وإذا الأرواحُ يَغشاها الأسى ..

وإذا الأبدانُ مُسجاةٌ كليلة !
  
....
  
يا رياحَ الشَرِّ .. يُنْجينا الذي
  
قد وَقَى مرَ بألطافٍ جَليلَة ..
  
وحباها بعطاياهُ الجَزيلة ..
  
فَهُوَ القادِرُ أن يُلْهمنا
  
آيةَ الرُشدِ .. ويَهْدينا سَبيلَه ..
  
وَهُوَ القادِرُ أنْ يَبْعَثُنا ..
  
بعدَ أن عَزَّتْ إلى البَعْثِ الوسيلة !

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق