الشاعر محمود توفيق: ليلة الطوفان

ليلة الطوفان

ليلة الطوفان *
  
ليلةُ الطوفان .. والهولِ الكبيرْ

والمآسى .. والشقاءِ الكاسرِ

لستُ أنساها .. ولا الدمعَ الغزير

وهو حولى كاللهيبِ الثائرِ

*** 
إذ مضينا للبطاح الجائعة

والقُرى ترفُلُ فى أشباحها

نتهاوى كالكلاب الضائعة

وهى تنكَتُّ على أتراحها

*** 
فزعُ الموتِ .. وأحلامُ الجياعْ

وعلى الآفاقِ أصداء النحيبْ

والغدُ المخبوءُ .. والأمسُ المضاعْ

وبكاءُ الطفل فى اليوم العصيب

*** 
بينما الشعبُ ترامى فى العراءْ

صاخباً فى يأسه والأملِ

وعيون الناس تجتاح السماءْ

وهى ترنو للصباح المُقبلِ

*** 
بينما الأطفال من بين الجحورْ

يتهادون .. عرايا .. عابسينْ ..

بينما الأرض من الخزى تمور

تحت أقدام الضحايا البائسين ..

*** 
إذ سمعنا ضحكاتٍ فاجراتْ

قد أتت من شُرفة القصر الكبيرْ

تتعالى من قلوبٍ خاليات

ويشيع الدفءُ فيها والسرور

*** 
فتلاقتْ لحظةً أبصارُنا

ثم أسرعنا جميعاً بالمسيرْ

وتلاشتْ فى الدجى أشباحُنا

وهى لا تدرى إلى أين المصير !

*** 
غير أن الموجَ يعوى فى جنونْ

ويُدَوِّى كالرعود القاصفه

وغداً يجرف أنقاضَ الحصون

وهى صرعى فى مَهَبِّ العاصفه