الشاعر محمود توفيق: أنشودة للوادى المقدس

أنشودة للوادى المقدس

أنشودة للوادى المقدس

أطلقىيا نفسُ طوفان الجوىَ
وابعثى صيحة وجد فى البريّه
قَدَسُ الأَقداس..والوادى طُوَى
أصبحا تحت نعال البربرية..
***
هل خبا من جانبِ الطور الضياءْ..
أم هوَتْ قُدسيةُ الوادى العتيدْ
فاستباحَ الذلُّ أرضَ الأَنبياء
واستكانت تحت أقدام الجنود!..
***
مالها لم تندثرْ..لم تنتثرْ..
لم تُزلزلْ تحت أقدام الغزاه..
لم يفجِّرها حجيمٌ مُستعر
يحتويهم من عبيدِ وطغاه!
***
هذه سيناءُ..هل تنكرنا..
حين تشقى فى لهيب الاحتلالْ..
أم تُراها لم تزل تذكرنا..
وتُمدُّ الكفَّ من فوق القنالْ؟
***
أتُرى تعرفُ عن آلامنا..
وعَذاباتِ القلوبِ الغاضبه..
ولهيب النار فى أعماقنا..
وأعاصير الهموم الصاخبه!
***
ليتها تدرك أن الخبز جَمر..
ليتها تدرك أن الماءَ علقمْ
ليتها تدرك أن النوم قهر..
وعذابٌ من عذاب الصحو أعظم!
***
إنها فى كل صدرٍ خَفقتُه..
إنها فى كل قلبٍ حَبَّتُه..
إنها فى كل دِينٍ قِبْلتُه..
إنها فى كل لحظِ مُقلته..
***
أنا لم أعرف من الطُور سوى
ذلك الركنَ الذى كُبّلتُ فيه
وتقلبت على جمر الأَسى..
غير أنى رغم هذا..أفتديه!
***
أفتدى منه أكاليلَ السنى.
أفتدى منه أغاريدَ الصباحْ..
أفتدى منه تسابيحَ الحصى..
أفتدى منه تهاويمْ الرياح!..
***
صوتَ فرعون يُدوِّى فى الجبال..
وصداهُ فى الفيافى لم يَزَل..
وخُطاهُ وهو يجتاز المُحالْ..
لم تزل محفورةً فوق الجبل!
***
وعُقودُ الغار من آياته..
ريحها يغمرُ أفواف القِمَمْ
وبريق النصر من راياته..
لم يزلْ يخطِفُ أبصارَ الأُمم!
***
وسُرى عَمروِ على تلك الرمالْ..
وانبلاجُ النورِ فى الليل المهيبْ..
وصدى الذكر..وترتيلُ الرجال..
وصلاةُ الفجر فى السهل الرحيب
***
فتيةُ الإِيمان..أقمارُ الزمان..
موكبُ الرهبان..فِرسان الحقيقه..
لم يزلْ عطرُ شذاهم فى المكان..
وسناهم مِلْءُ أبصار الخليقه!
***
ها هنا موطنُ أشواق الهُدى..
معقِلُ النُسَّاك والدير الطهورْ
ها هنا منزِل عُشاقِ العُلا..
برزخ الأَبطال فى كلِّ العصورْ
***
مجدُ آبائى وأجدادى هناك..
عطرهم يعبِقُ فى البُعد البعيدْ..
سعدُ أبنائى وأحفادى هناك..
وروى المستقبل الحُرِّ السعيد.
***
فانهضى يا أُمَّتى فوق الضنى..
وابعثى الصيحة من كل الجهاتْ
نحن فى القُربِ وفى البعد هنا..
فاستعِدى يارحابَ التضحيات.
***