الشاعر محمود توفيق: فى قطار الصباح

فى قطار الصباح

فى قطار الصباح
  
كان يَمضِى فى مِراَح .. وانطلاقٍ .. كحمامهْ ..

..كجواد أشهب أرختْ له الريحُ زمامه ..

فوقهُ تلمعُ فى الأُفقِ .. على البُعدِ .. غمامه

وبِسَاطٌ من ضِياء الفجْرِ يمتدُّ أمامه

وعل امرج .. على الوادى .. حواليهِ ابتسامه !

***
يا لهذا الصُبح .. ما أبهجَ فى عَينىَّ نُوره ..!

قلبُهُ الراقِصُ بالفرحَةِ .. وضَّاءُ السَريرة

مللءُ جفنيهِ من الأَشواقِ أحلامٌ غريره ..

وعلى مَفْرِقِهِ الوضَّاح أزهارٌ نضيره ..

مثلها لم يُزهرْ الفجرُ .. ولم يَمنحْ عَبيره !

***
كان عقلى مُنذ حينٍ لا يبالى بالقدَرْ ..!

لا .. ولا يُدرِكُ فى غُلوائِه معنى القدر ..

فإذا قلبى أسِير .. بين أنياب القدر .!

وإذا بالحُبِّ والحِرمَانِ وَعْدٌ وقدر !

وشتاءُ الناسِ بالأَحداثِ ملهاةُ القدر !

***
ما الذى جاء بنا كَىّ نلتقى .. من غير موعدْ .؟

فتلاقينا بلا سَعْىٍ .. وعَينُ الحُبِّ تشهد ..

لحظةً .. ظلتْ بها أيامُنا تشقى وتسعَد ..

جذوةٌ .. شبِّتْ بها فى القلبِ نارٌ تتجدد ..

حَبَّةً .. ألقت بها الأَقدارُ فى حقل مُمَهَّد !

***
لا تحَدِّثنى عن الحكمةِ والعقلِ الرزينْ ..

لا .. ولا عن فارِقِ الأَديانِ .. من دينٍ لدين ..

أنا إِنسانٌ .. وحَسبى ذاك عن كُلِّ يقين !

قلبى الخفاقُ عقلى .. وهو سمعى .. والعيون ..

وهو يهدينى إِذا ضلَّتْ عن الحقِّ الظنون !

***
كان قلبى وردةً فى فجرها .. لم تتفتحْ ..

فاحالتها رياحُ الشكِّ ظِلالً يتأَرجح ..!

ثم ردَّتها إِلى الحُزنِ .. هشيما يترنح ..

وحُطاماً تحت عبء الياسِ والحرمانِ يرزح ..

ويحَهُ من صَحوَة الجُرح .. إِذا ما الصبحُ أصبح !

***
طِر بنا .. فالطائر النائى يُغنى للصباحْ ..

وبعينىَّ دموعٌ .. وبجنبىَّ نُواح ..

وبقلبى منك آثار لهيبٍ .. وجراح ..

وإذا كَلَّ جناحك .. فأشواقى جناح !..

علَّنِى أدفِنُ أشجانّى فى قلب الرياح !