الشاعر محمود توفيق: فى نجوى الرسول

فى نجوى الرسول

فى نجوى الرسول

فى شذا نجواك تنهلُّ المدامعْ
وتَذوب النفسُ من أشواقها
ويظلُّ الطرفُ يهمى وهو خاشع..
من وميض الشمس فى إشراقها
...
خُضرة الظلماءِ فردوسُ الهوى..
فجِّرِى ياعين فيها كوثرا
إن بكى العشاق من فرط الجوى..
فأنا دمعى من القلب جرى.
...
يقصُر الشِعرُ..ويرتجُّ اللسان..
كلما حاولت أن أسمو لذاتك
يا رسول الله أعيانى البيان..
فأعرنى نفحةً من نفحاتك
...
نفحة تشرحُ أعماق الضمائرْ..
وتضئٌ النورَ فى أرجائها
ليفيضَ الشعر من ذوب المشاعر..
ويشيعَ الصدقُ فى أصدائها.
...
أيها الباحثَ عن سرِّ الوجودْ..
أيها السائلُ عن أصلَ الخليقه..
أيها العاكفُ فى الغار البعيد..
أيها الكادحُ من أجل الحقيقه..
...
جذوةٌ تبعث أنوار اليقين..
تتعالى فى ظلامِ الجاهلية
لهفةٌ للخير والحق المبين..
حملت كل نبوغ البشريه
...
هل وراءَ الكون إلا فاطِر..
شاملُ القُدرةِ..خلاقٌ عظيم؟..
أم وراء الخلقِ إلا غايةٌ..
ونظامٌ سنَّةُ البارى العليم؟..
...
كل علم قطرةٌ من حكمته ..
وشعاعٌ كاشفٌ عن قدرته..
وهو القوةُ لا يحجبها..
غير فيض غامرٍ من رحمته !..
...
أيها المبعوثُ بالحق المبينْ..
أيها الناطقُ بالوحى الأَمين..
أيها الصادق مهما أرجفت..
عُصبةُ البغى..وكيدُ الحاسدين..
...
يُعرَفُ الصادق من أقواله..
فلسانُ الصدقِ كالصبح المبينْ
يُعرَف الصادقُ من أفعاله ..
فبناءُ الحق كالصرح المكين !
...
أيها الصابرُ فى وجه الجهالة
أيها الصامِدُ فى وجه الضلالْ
أيها الحاملُ أعباء الرسالة..
فى ثباتٍ لاتُدانيه الجبالْ.
...
قلبك الرحبُ الذى ضمَّ الخليقه..
صاغه الرحمنُ من رحْمتِهِ
وهداه نحو أنوار الحقيقه..
بشُعاعٍ من سنا حكمتِهِ
...
رحمةٌ تُهدى لكل الكائناتْ
وخِلالٌ كالظلالٍ الوارفاتْ
وربيعٌ من حنانٍ غامرٍ
تتجلى فيه كل الكرمات
...
ومن الرحمة بذلٌ وعطاءْ..
ومن الرحمة عدلٌ وإخاء..
ومن الرحمة سيفٌ قاطعٌ..
يمحقُ الظلمَ ويحمى الضعفا..
...
يا يتيماً لم يذق طعم الحنانْ
وفقيراً قد جفاه المترفون..
فغدا للناسِ فى كل زمان..
الأَبَ المعطاءَ..والأَم الحنونْ..
...
دوحةٌ تمتد بالظل الظليلْ..
للحيارى..والأَسارى..والعفاه..
والمساكينَ..وأبناءِ السبيل..
وضحايا العيش فى ظل الطُغاه.
...
كنت فى أرواحهم دفقة عِطرْ
تبعث المكنونَ من أسرارها..
كنت فى أفهامهم جذوةَ فكر
تسبحُ الأَكوانُ فى  أنوراها
...
فإذا حولك جمعٌ من كواكبْ..
مثلها لم تمتلكْ أىُّ سماءْ..
كرياضٍ  عامراتٍ  بالمواهب..
كبحارٍ  زاخراتٍ  بالعطاء.
...
هل سوى الصدِّيق نبلٌ ووفاءُ..
أم سوى الفاروقِ عدلٌ ومضاء..
أو سوى صِدْق علىِّ والنهى..
غايةٌ تُرجى..ونورٌ بستضاء؟
...
ومئاتٌ من رجال ونساءْ..
خرجوا من عتمةِ الليل البهيمْ..
مثلما تشرق أقمارُ الهدى..
لتشيعَ النورَ والفضلَ العميم.
...
كلهم من غرس كٌفٍ طاهرة..
وشذى من نفخ روح عاطره..
وانعكاساتُ وميضِ ساطعِ..
من ينابيع الضياء الباهرة.
...
وألوفٌ زخفت إثرَ ألوفْ..
تبذلُ الأَرواح فى رهج الصدام..
وتُضىْ الليل من وهج السيوف..
وتُشيعُ النورَ فى قلب الظلام.
...
فِتية الإِيمانِ..أقمار الزمانْ..
موكبُ الرهبانِ..فرسان الحقيقه..
لم يزلْ عِطرُ شذاهم فى المكان..
وسناهم ملءُ أبصار الخليقه!
...
كلهُّم رجعُ الصدى من دعوتك..
وحروفٌ حيَّةٌ من سيرتك..
وزهورّ عاطراتٌ بالندى..
وثمارٌ من عطايا راحتك.
...
وشعوبٌ قد مضت عَبْرَ القرونْ..
من جموعِ العابدينَ العاملين..
غمرت أرواحَهم شمس الهدى.
وضياءُ الخيرِ والحقِ المبين.
...
وشعوبٌ سوف تأْتى بعدنا..
فى دهورٍ ليس يُحصيها الخيال..
تترامى كمحيطٍ هائلٍ..
عدَدَ الذَرِّ..وحباتِ الرمالْ..
...
يعبدون الله من أشواقهم..
ويُصلّون على خيرِالأَنام..
ويضئُ الحقُّ فى أعماقهم..
ويعيشُ الخيرُ فيهم والسلام.
...
كلهم يمشى على نورِ هُداكْ..
ويرومُ الأمن فى ظل حماك
ويُرَّجيكَ شفيعاً مُنقِذاً..
حين لايشفعُ للناس سواك.
...
حينما تصمِتُ أبراقُ الضَلالْ..
ويَكُفُّ الخلقُ عن كلِّ جدالْ..
ويزول الكلُّ..إلا واحدٌ..
وَجُههُ خيرٌ..وحقٌ..وجلال..
...

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق