الشاعر محمود توفيق: شجيرة

شجيرة

شجيرة

شجيرةٌ يانعةً رطيبة..

قد نبتتْ فى حيِّنا الفقير.

تُلقى على أيامنا الجديبة..

تحيَّة الظلال والعبير.

***
وجدتها هناك فى الصباحْ

رأيتها تميلُ..تعتدلْ

ترقصُ فى ملاعب الرياح

تفيضُ بالشبابِ والأَمل.

***
رأيتُ فيها ومضةً عُلويَّة

وبسمةً وضّاءةً سحريَّة

ونفحةً من عالم الرضا..

تشيعُ فى البراعم الفتيه!

***
ومرَّ ذاك الصبحُ كالشهابْ

كما تمرُّ نسمةُ الجنوب..

كما تمرُّ ميعةُ الشباب.

لتترك الحسرة فى القلوب!

***
وعُدتُ قبل عَتمةِ المساءْ

وَجَدْتُ جمعاً حولها يدور..

ولغطا يَشيعُ فى الفضاء

وغضباً يجيش فى الصدور..

***
ثم استقرتْ موجةُ الزحامْ..

وانتظمتْ معالم الأُمور..

وانطلقتْ جحافلُ الكلام..

على خيول الجهلِ والغرورْ!

***
تكلّمَ الخُرسُ..فأسمعوا..

وأطنبَ الحمقى..وأبدعوا..

والحكماءُ..فى وقارهمْ..

تفضلوا..فنظَّروا..وشرعوا!

***
"فرغم أنها" شجيرةٌ صغيره..

"لكنها" ظاهرةٌ خطيره!

"ورغم أنها" تعطِّر الهواء..

لكنها ستحجب الضياء!

"ورغم أنها .. وأنها" ..

" لكنها .. لكنها .."!

***
كنتُ عرفتُ الرَمْىَ بالسهامْ..

والقتل بالرصاص..والسكينْ..

وما عرفتُ القتل "بالكلام"..

ولا بسيف الحكمة الرصينْ !

***
أردتُ أن أثور..أن أمانعْ..

لكن صوتى ضاع فى الزحام..

حاولت ان أذودَ..أن أدافعْ..

فأوشكتْ تدوسى الأَقدام!

***
وأقبل المساءُ بالأَحزانْ..

وخَّمتْ فى ظِلِّه السكينة..

ولم تعُدْ تقوم فى المكان..

شجيرتى اليانعةُ المسكينه!

***
وأقبلَ الصباحُ من جديدْ..

وعُدْتُ نحو البُقعةِ الحبيبه..

فأّبصرتْ عيناى من بعيد ..

شجيرة يانعة رطيبة..!
***