الشاعر محمود توفيق: أيها الربان

أيها الربان

أيها الربان

أيها الرُبَّان .. لا تُغمضْ عيونك ..
أيها الوالد .. لاتنْسَ الوليدْ ..
أيها القائد .. لاتُسدِل جفونك ..
لاتدعْ فى غمرة الحزن الجنود.
***
أيها الفارسُ .. لاتشدُدْ رحالك ..
لاتغادرنا .. وحاذر أن تغيبْ
لاتدَعْ فى ساحة الحرب رجالك ..
بينما الأَهوال تبدو من قريب .
***
لاتنمْ .. فالخَطبُ فى أرضك قام ..
قُم .. وأطلقْ من جديد صيحتك
أنت قد عوّدتنا ألا تنام ..
بينما الأَقدار تدعو أمتّك .
***
افتح العينين .. وارقُب حزننا ..
تُبصِر الحسرة فى كل القلوب
ارفع الهامة .. وانظر نحونا ..
لا تُدرْ عنا محياك الحبيب .
***
اسمع الدعوة من كل الشفاه ..
اسمع الصيحةَ فى كل مجال ..
اسمع الصرخة من كل اتجاه ..
لا تدعنا .. لاتدعنا يا جمال .
***
إنها صرخة حزنٍ وذهولْ ..
تتمشى بين أرجاء الشوارعْ
إنها آهة أحزان الحقول ..
إنها لوعة أشجان المزارع
***
إنها خفقة أنفاس القرى ..
إنها أنَّة أضلاع الثغورْ ..
إنها زفرةُ آلام الثرى ..
إنها لوعةَ نيران الصدور .
***
إنها شهقة آلات المصانعْ ..
إنها لوعةُ أطفال المدارسْ ..
إنها رنة حزنٍ فى الجوامع ..
ونحيبٌ فى نواقيس الكنائس .
***
اقهر العثرة وانهض .. لا تَمُتْ
أنت لايمكن أن تهجرنا ..
أنت إِشراقةُ شمسٍ سطعت
وتمشت نارها فى دمنا
***
أنت قد أسرجت أنوار الصباح ..
أنت قد أيقظت حبَّات المُقَلْ
أنت قد أشعلت نيران الأَمل ..
***
أنت إِطلالةُ أيام الربيعْ ..
أنت مصباح الليالى الواجفه
أنت أنشودة أحلام الجموع ..
وهى تمضى .. فى مهَبْ العاصفه .
***
أنت إِشراقة يوم المُعدمينْ ..
ورسول النصر للمستضعفين ..
وبشيرُ الفجر من أشواقنا ..
وشعاع الصبح للمستعبَدين .
***
ومضةٌ فى كل عينٍ تترقب -
بارقاً من جانب الأُفق البعيدْ
خفقةٌ فى كل قلبٍ يتعذبْ ..
- فى لظى الشوق إلى الفجر الجديد
***
مِدْفَعٌ فى يَدِ ثورىَّ مناضلْ .
صيحةٌ من قلبِ جندىٍ شجاع
طلقاتٌ من فدائىٍّ مقاتل .
يعصِبُ الجُرحَ ويمضى فى الصراعْ
***
أنت باقٍ ليس يطويك الزمانْ ..
أنت حىُّ لم تنلْ منك المنون ..
هذه روحك فى كل مكان .
- أنت لايمكن إِلا أن تكونْ !
***
قلبك الجيّاش لم يفقد حنينه ..
- وهو يهفو نحو تحرير البشرْ
صوتك الرنانُ لم يفقد رنينه ..
وهو يدعو للصباح المنتظر
***
فوق مثواكَ .. سيبكى الفقراءْ ..
وستهمى عبرات الكادحين ..
وعلى نهجك يحيا الشرفاء ..
وستمضى خطوات المُخلصين .