الشاعر محمود توفيق: لا عزاء

لا عزاء

 لا عزاء *

  
رُبَّ نجمٍ راعه من مُلقتى

ضائعُ الأدمُعِ .. مُنهَلٌ .. سفوحْ

راح يرنو لى .. وقبلى كم رنا

لأخى بلوى .. ومجهورٍ جريح

فتناجينا .. وقد جَنَّ الدجى

أنا والنجمُ .. وللأسحار ريح

رحتُ أشكوه إلى أطيافه

وهى حولى صامتاتٌ لا تبوح

ذلك الهاجِرُ .. ماذا ضَرَّةُ

لو أسا جُرحى .. وقد تُؤسَى الجروح

أو سقى العطشان من قبل الردى

والردى مُرٌّ على العطشى .. قبيح

***

حَطَّمَ الكأسَ وولى ظالماً

وعلى الأرض بقاياها تصيح

هذه الكأس التى حَطَّمتَها

كان فيها من أمانى العيشِ رُوح !

كان فيها كلُّ حبى والمنى

وشبابى .. والصبا الغَضُّ المَروح

أنت قد حَطَّمتها فى نزوةٍ

ليس يبديها سوى الطبع الجموح

ثم خلفت فؤاداً هائماً

دائب الحسرةِ .. ملتاعَ القروح

***

رُبَّ طيرٍ نالنى من شَدْرِهِ

أسفُ الثكلى .. وآلامُ الذبيح

راح يشدو فوق غُصنٍ راقصٍ

والنسيم الطلقُ بالعطر يفوح

والأقاحى أُسرِجَتْ أنوارُها

فهى كالأفلاك تزهو فى وضوح

قُلتُ يا طائرُ قلبى ذائبٌ

من لهيبِ الهجرِ .. مكلومٌ .. جريح

فبكى الطائر .. والغُصنُ انثنى

والأقاحى رُحْنَ فى صمتٍ تنوح

وإذا الأنداءُ دمعٌ سائلٌ

وإذا الأنسامُ ما فيهن رُوح

وإذا بى راهبٌ فى دَيْرِهِ

دَمعُه الخمر .. وبلواه المسوح

راهبٌ تسبيحُه أنَّاتُه

وأغانيه من الصمت الفصيح !

***

صِرتُ أحيا فوق ماضٍ دارسٍ

من أمانٍ .. كُنّ بالأمس الصروح

قَوَّضَ الأحلامَ فى ساحاتها

عَالمٌ .. خالٍ من السَلوى .. شحيح