الشاعر محمود توفيق: من ذا يرد الضربة الأثيمة؟

من ذا يرد الضربة الأثيمة؟

من ذا يرد الضربة الأثيمة؟
  
فى مُقلتى سُهادْ ..
وفى فمى مذاقْ الملِح والرَمَادْ
وتحت ناظرىَّ تكتسى الحياة بالسواد ..
ويرفُلُ الوجودُ فى ملابس الحِداد ..
...
يا إخواتى فى القُدس .. فى الخليل .. فى الجليل ..
فى كل شبرٍ من فلسطين التى يجتاحها الدخيل ..
ماذا يقول الشِعرُ للأَسيرِ .. للجريحِ .. للقتيل !
...
يا إخوتى فى صُور .. فى صيدا .. وفى بيروت -
حيث تهطِلُ القنابلْ ...
وفى خِيام الاجئين .. حيث يُذبَحُ الأَطفال -
والشيوخُ .. والأراملْ ..
وفى سُجون الخَسف .. حيث يَرسُفُ الرجال -
والنساء فى السلاسل ..
يا إخوتى المستبسلين الصامدين فى لبنان ..
ماذا يقول الشِعرُ للمُقاتل المحصُور بالنيران !
ماذا يقول الشعر للمناضل المُحاط بالخذلان !
...
يا إخوة المصير .. والنضال .. والشقاء .. والغضَبْ ..
تمزقت لحومُكم على موائد الكلام والخُطَب !
تفرقت دماؤكم على قبائل اليهود والعرب !
...
يا لهفتى .. من ذا يَردُ الضربة الأَثيمة !..
ومن يُداوى الجُرحَ بعد الطعنةِ المسمومة ..
ومن يُعيدُ الصُبح بعد الليلة المشئومه !
....
يا هذه القومية الشقيه ..
يا هذه المظاهرُ الجوفاءُ والحناجر القويه ..
يا هذه التيجان .. والعُروش .. والمناصب العَلِيَّه ..
يا هذه الجيوش .. والأَعلام .. والملابس الحربية ..
يا هذه الأَموال كالجبال فى المصارف الغربية ..
ألا فتىً قد ألهبتْ وجِدانه القضيه !..
ألا فتىً قد أرْقت منامه الرزيه !..
ألا فتىً قد أرضعته ثديَها الحُرِّيَه ؟.
...