الشاعر محمود توفيق: الخريف .. على ضفاف النيل

الخريف .. على ضفاف النيل

الخريف .. على ضفاف النيل

على شاطئ النيل يمشى الخريفُ
وئيد الخُطى .. كملاكٍ جليلْ !
تَحُفُّ به ومضاتُ البهاءِ
.. ويكسوه ثوبُ الجمال النبيل
شَفِيفُ الجناحين من رقَّةٍ
يفيض بها صُبْحُه .. والأَصيل
على الأُفقِ منه سَنِىُّ الشُعاعِ
.. وفى الروض منه شذَىً لايحولْ !
...
وإذْ يَبلُغُ الصيفُ عُمر الفراقِ
.. وقد آذَنَتْ شَمسه بالرحيلْ ..
على أنَّ منهُ ضياءً يذيعُ
.. ودِفئاً يشيعُ .. وطيفاً يجول
وما زالَ فى المرجِ من راحتيهِ
جَنِىُّ القُطوفِ .. زَكِىُّ الأَصول
تنوءُ به دانياتُ الكرومِ
.. وتزهو به باسقاتُ النخيل
هَدِّيةُ صَبِّ شجاه الغرامُ
.. وأضناه عِشقُ الجمال الأَصيل !
...
وإذْ يشمَلُ الأَرضَ ظِلُّ الخريفِ
وتنساب أنفاسُه فى الحقول ..
فترتدُّ عنها ؤياح الهجيرِ
.. ويمرحُ فيها النسيم العليل
ليغُمرَها بشذى الياسمين
.. ورُوحٍ من النيل عذبٍ جميل
كأَنّ به رِقّةُ العاشقينَ
.. تضوعُ بِسرِّ الغرام الطويل !
...
تذكرتُ أيامنا الزاهياتِ
.. وغُصنُ الشباب رطيبٌ يميلْ ..
إذِ الأُرض نشوى بِسحر الخريفِ
يُجلِلُها منه ظِلٌّ .. ظليل ..
وإذ نحنُ كالطير فوق الضفافِ
.. وبين المروج .. وعبرَ السهول
نروحُ على سبحَاتِ الشراعِ
.. ونغدو على صهواتِ الخُيول ..
وتهفو جوانحنا للجمالِ
.. ونحلَمُ بالصعب .. والمستحيلْ !
...