الشاعر محمود توفيق: الربيع .. فى بقعة مجهولة

الربيع .. فى بقعة مجهولة

الربيع .. فى بقعة مجهولة


وقفت أرقبُ الربيعَ ينثر الزهورْ

ويقرعُ الأَجراسَ حول كوخى الصغيرْ

كـأنه صَـبـيّـةٌ أسـكرهـا الصبـا

فانطلقت ترقص فى فستانها الحرير

فى بقعةٍ نـائية عن أعـين الـعِدا

كـأنها منسيَّةٌ من أقـدامِ العصور!

تـلُفّهـا خميلــةٌ تضـرعُ بالــشذى


وتكتسى بالنورِ..والظلالِ.. والعبير

خميلــةٌ جميلــةٌ رصَّعهـا النــدى

وأرقصَـتْ أغصــانها زقزقة الطيـور

وغازلتها الشمس فى الأّصيلِ والضـحى

وأثملـتْ فؤادهـا عـذوبة البكــور

يشكـو إليهـا بلبلٌ لواعجَ الهـوى

ويصـدَحُ اليمـامُ من فـؤاده الكسير

يابقعـةً يغمرهـا الهدؤُ والسنـى..

وينشرُ الربيعُ فيها ثوبه النضير..

تُحِـسُ فيكِ النفسُ بالصفـاءِ والرضى

ويستـريحُ القلبُ من عنائه الكبير

وحين تأتى ساعةُ الفــراقِ والنوى..

وحينمـا يستأنف المسافـرُ المسير..

فسـوف تبقى فى الفـؤادِ هزةُ الشجى

كطائــرِ يهيـمُ نحو عُشِّـه الأَثيـر!
...