الشاعر محمود توفيق: أغنية سجين

أغنية سجين

أغنية سجين *


أنا ها هنا..خلف الحديد..وتحت أجنحة السكونْ

أنا تحت سلطان الظلام وليله الباكى الحزين

*** 
روحى تُضارِعُ..كالغريق..بِحارَهَمٍّ قاتله..

غمراتُها كِسَفُ الظلام...وريحُ يأسٍ هائله

*** 
دُنيا من الظُلُمات موحِشةٌ...وبَحرٌ من ألمْ ..

أنفاسها وحى الجنون ... وريحُها وحُى العدم

*** 
وأطلُّ أضربُ فى بحارِ الصمتِ مخترقاً حدوده ..

أُصغى إلى همس الحياة...كرجع أغنيةٍ سعيده ..

كاللحن تحمله الرياحُ خِلالَ وديانٍ بعيده

*** 
فى كل صوتٍ عاَلمٌ يشدو.. ودنيا آسرة

قلبى يعانقها.. وروحى فى سماها طائرة

كروانةٌ..راحت تُخلِّق فى سماءٍ باهرة ..

مسحورةٌ... تشدو بأنغام الحياة الساحرة

*** 
ويلوح لى خلفَ الحديد .. وفوقَ أجنحة الرياح ..

سِربُ الحمام مُحلِّقاً فوق المدينة فى مِراح ..

فَرِحاً .. يُعانق بهجةَ الدنيا أتوار الصباح

*** 
لو كان لى هذا الجناحُ لكنتُ فى مَرَحٍ أطيرْ ..

نشوانُ أسبحُ فى الفضاء .. وفى الضياء .. وفى العبير..

عَبثاً يُقِّيدُنى الزمانُ .. أو المكانُ .. أو المصير !..

*** 
وأَظَلُّ أرنو للشعاع إذا تسرب فى النهارْ ...

تطفو على أمواجه كالطيف ذارتٌ صِغار ..

كجيوش نملٍ تائهٍ .. لا يستقر له قرار !

وإخاله حَبْلَ النجاةِ .. وقد تدلَّى للغريق ..

نسجته فى كب السماء أناملُ القَدَرِ الرفيق ..

*** 
كيدٍ مُرَحِّبَةٍ يَمُدُّ بها الصديقُ إلى الصديق !

وإخالُ قلبى ذَرَّةً .. راحت تُحلِّقُ فى الشُعاعْ ..

متموجاً فى النور يصعدُ للفضاء بلا انقطاع ..

طَلقَ العنان .. كزورقٍ فى البحر مُنطلقِ الشراع !..

*** 
أنا ها هنا خلف الحديد .. وتحتَ سُلطان الحديدْ ..

لكنَّ قلبى كالطبيعةِ .. لا تُقَيِّدُه القيود !

*** 
فإذا الربيعُ بَدَتْ بشائُرهُ على الوادى الجميلْ ..

فأنا هناكَ .. مع الربيعِ .. على الجداول والحقول ..

روحاً مُحَلِّقةً على الوديان ترقُصُ والسهول ..

فى نشوةِ الأملِ الكبير .. ورِعشةِ الألم الطويل !..