الشاعر محمود توفيق: العودة الى الخرطوم ...

العودة الى الخرطوم ...

العودة الى الخرطوم ...

دَعَوْت .. فلم تَسعَدْ برَدِّ جوابِ
وعُدتَ إلى ماض بغيرِ مآب !
تذكرتَ بالخرطوم عهداً قد انقضى
كطيفِ خيالِ ... أو كوهمِ سَرابَ
زماناً كمثل الروض باكَرَةُ الحَيَا
وظَلَلَه شَرخُ الصِبا بسحاب
إذ العيشُ يمضى كالنسيم طلاوهً
ويخطُرُ فى أرضِ زَكتْ ورَوابى
ينَضِّرُه محجوبُ بالشِعرِ والندى ..
ورقَّةِ إِحساسٍ .. ولين جَناب
يجودُ ببحرٍ من سماحة نفسه
يفيضُ بموجٍ زاخرٍ وعُباب
ومجلسِ أُنسٍ بالثقافةِ عاطرِ
على مشهدٍ من إِخوةٍ وصِحابِ
رجالٍ كأمثالِ المصابيحَ أَشرقتْ
بصائُرهم من حكمةٍ وصواب
يُقيمون أسباب الموَدَّةِ بينهم
ويبغون من فضلٍ وحُسنٍ ثواب
...
وهيفاءُ قد أهدتْ لها الخمرُ لونها
تتيهُ بحُسنٍ رائعٍ وشباب ..
إذا نَزَعَتْ ( ثوبَ )الدلالِ وأسفرتْ
ثَمِلتَ ... وما فى الكأسِ غيرُ ( حَبَاب ) !
تُراعيك من تحتِ الجفونِ بنظرةٍ
تَخُصُّكَ من بين الورى ... وتُحابى
وتبعثُ فى سِحرِ الشفاه وومضها
رسائلَ أشواقٍ .. وهَمسَ عِتاب ...
فتلكَ التى أدمى فؤادَك حُزنُها
وقد أُبدلَتْ أفراحُها بعذاب
على ذكرها فلتمزج الدمعَ بالجوى
إذا أُترِعَتْ كأسُ الهوى بشراب !
...
سلامٌ على الخرطومِ ما خَفَق الهوى
بقلبٍ ... وما دَقَّ الغرامُ بباب ..
أُغادرها ... والوجدُ ملؤُ جوارحى
وأذكرها .. والشوق ملؤُ إهابى ..
وأتركُ قلبى هائماً فى رِحابِها
لعلى أُداوى فى الجوانحِ ما بى !
...

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق